كان دائما داعما لوحدة الصف الوطنى ، داعيا للحذر من أسباب الفرقة ... كان له طريقته الخاصة!!
تعودت منه تهنئة تصلنى على تليفونى المحمول فى كل عيد ومناسبة منذ أن تزاملنا لسنوات طويلة فى عضوية البرلمان ، وتجاورنا طوال هذه السنوات فى مقاعده ،كما تجاور وتزامل من قبل والدى ووالده!!
الشهر الماضى وصلتنى منه رسالة تهنئة بقدوم رمضان ،وأخرى لدعوتى للمشاركة فى مؤتمر للجمعية الوطنية للتغيير بالفيوم –استضافه بداره ومقره-ثم وصلتنى منه رسالة للتهنئة بالعيد..وبالأمس وصلتنى رسالة أخيرة ..أنه فارقنا..ومات!!
مات مصطفى عوض الله ،النائب الإخوانى عن الفيوم ،الذى فاضت روحه إثر حادث أليم منذ ساعات،اختطف الموت واحدا من أنبل وأخلص وأطيب من صادقت فى حياتى السياسية والبرلمانية ،
كان من النوع الذى يسمع كثيرا ،ويتكلم قليلا ،واذا تكلم لا ينطق لسانه إلا اذا آنس دفئا إنسانيا ..كان شغوفاًبالأسئلة لا الأجوبة ،بالتماس الأعذار قبل إطلاق الأحكام ..كان صافى الروح ،لا يثير وجوده إلا ماتثيره نسمة رقيقة تعبر فى طريقها اليك حقل بنفسج!!
كتلة من الأدب والتواضع والهرب بعيدا عن الأضواء ،يملؤها النبل والشرف وحب العطاء!!
عندما زرته –لأول مرة- منذ أسابيع فى دائرته ومقره بالفيوم على هامش مؤتمر الجمعية الوطنية للتغير،أهدانى عددا من المطبوعات التى لم أبأ للأسف فى الإطلاع عليها إلا عقب سماعى نبأ وفاته أمس ،
أخطر وأهم ما استوقفنى، بحثا تاريخياً من إعدا د مركز البصائر ، يعرض لأهم التحالفات السياسية التى دخلت فيها جماعة الإخوان مع أحزاب وقوى سياسية أبرزها الحزب الوطنى القديم ووفد ما قبل الثورة !!
أدهشتنى المفاجأة وانا أقرأ مقالا صدر عن جريدة الجمهورية عدد الخميس 19فبراير 1976 للراحل فتحى رضوان عضو الهيئة العليا للحزب الوطنى القديم وهو يكشف ان الإمام حسن البنا عرض عليه إنضمام الإخوان للحزب الوطنى مشيرا أنه فكر طويلا ليخرج الإخوان من المأزق (عام 1949) بأن يرفع عن شعب الإخوان فى كل مكان إسم الجماعة ويضعوا عليها لافتات الحزب الوطنى!!
ويضيف المقال نقلا عن البنا انه قال لفتحى رضوان: "سنخير الإخوان بين أمرين الأول أن يبقوا فى الجماعة للنشاط الدينى البحت ،وإما أن ينقلوا نشاطهم للحزب الوطنى!!" وقال الإمام ضاحكا:"سيبقى معى الدراويش أما من لهم طموح سياسى،ورغبة فى مكابدته فالحزب الوطنى خير ميدان لهم"!!
وثيقة أخرى كشف عنها البحث المهدى لى من الراحل مصطفى عوضالله تعود لعام 1948 ،وبعد هدوء الخلاف بين الوفد والإخوان تكشف عن اتفاق مكتوب بين فؤاد سراج الدين سكرتير عام الوفد والبنا يقول البند الأول من الإتفاق "اتحاد الجهود للخلاص من النظام الذى يمثله صاحب الدولة النقراشى باشا !!
أما البند الثانى فيؤكد على احتفاظ كل كيان بطابعه وبرنامجه،أما الثالث :فينص على تشكيل لجنة اتصال من أربعة من كل طرف،أما البند الرابع فيتصل بتأليف لجان الطلبة فى المدارس والكليات بنسب متساوية على أن يكون رئيس كل لجنة وفدى ووكيله إخوانى.
أخطر وأهم البنود هو خامسها والذى يتحدث عن الإنتخابات القادمة وموافقة سراج الدين على ان يترك الوفد للإخوان 35%من الدوائر دون مرشحين منه على أن يكون لمرشحى الوفد65%وهو ماعترض عليه النحاس لأنه كان مكرم عبيد وحزبه"الكتلة"طالب بنسبة 25%فقال النحاس لو تركنا 35%للإخوان و25%لمكرم كما يريد،فلن يكون للوفد أغلبية إذلا يجب ان نسقط من اعتبارنا ان السعديين والأحرار الدستوريين والمستقلين سيفوزون فى دوائر قلت أو كثرت!!
وكما تقول عن هذا الإتفاق جريدة "طنطا"العدد841لسنة 23 فى 27/9/1948 أن حل النقراشى جماعة الإخوان ثم مقتله ثم قيام سلفه ابرهيم عبد الهادى بقتل البنا أجهز على هذا التحالف !!
لا أعرف تحديدا الرسالة التى أراد الراحل أن يوحى بها بإهداء هذا البحث الهام عن تاريخ التحالفات السياسية للإخوان وما تعرضت له من تحديات فى ذات يوم اجتماع الجمعية الوطنية للتغيير فى داره ومقره..
ويبقى السؤال لماذا دائما لا تكتمل مشاريع توحيد الصفوف فى مواجهة أعداء الأمة
لماذا هى دائما أجنة تموت فى الشهر الثامن فى اليوم التاسع والعشرين منه..
كان الراحل دائما يدعو للتقارب بين الغد والإخوان والإخوان والجمعية الوطنية كم كان بليغا رغم صمته عميقا رغم رمزيته..!!!